المشروع الملكي لربط الساحل بالمحيط الأطلسي: رافعة استراتيجية لتنمية إفريقيا

0

يواصل المغرب الدفع بمشروعه الطموح لربط دول الساحل الإفريقي بالمحيط الأطلسي، من خلال إنشاء ممرات استراتيجية تمتد عبر آلاف الكيلومترات، في مبادرة تهدف إلى فك العزلة الجغرافية عن هذه البلدان، وتعزيز التنمية الاقتصادية الإقليمية، فضلاً عن توطيد النفوذ المغربي في العمق الإفريقي، في وقت تمر فيه المنطقة بتقلبات سياسية وأمنية متسارعة.

وقد أعلن جلالة الملك محمد السادس عن هذا المشروع في خطابه سنة 2023، حيث دعا إلى إطلاق مبادرة دولية تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، وذلك عبر الأقاليم الجنوبية للمملكة، وتحديداً من خلال سواحل الصحراء المغربية، التي تعد الأقرب جغرافيا إلى بلدان الساحل.

وإلى جانب بعدها التنموي، يحمل هذه المشروع أبعادا جيواستراتيجية واضحة، في ظل السياق الإقليمي المتوتر، إذ تمر علاقات الجزائر مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي الدول المعنية مباشرة بالمشروع، بفترة توتر حاد، بسبب خلافات سياسية وأمنية، وتزايد النفوذ الروسي على حساب فرنسا، الحليف التقليدي في المنطقة.

وكان وزراء خارجية الدول الثلاث قد استقبلوا من طرف جلالة الملك محمد السادس في الرباط أواخر أبريل 2024، حيث عبّروا عن تفهمهم ودعمهم للمشروع المغربي، وأعلنوا التزامهم بـ”تسريع تنفيذه”، مؤكدين أن المغرب كان من أوائل الدول التي عبّرت عن تفهمها لمواقفهم في فترة كان فيها تجمع إكواس يهدد بالتدخل العسكري في المنطقة.

وتعاني الدول الثلاث اليوم من تحديات لوجستية، نظرا لاعتمادها على موانئ بلدان من مجموعة إكواس مثل بنين وساحل العاج وتوغو، في وقت تدهورت فيه علاقاتها مع هذه الدول، ما يجعل المشروع المغربي بديلاً استراتيجيًا لتأمين ربطها التجاري بالعالم الخارجي.

في المقابل، تعيش هذه الدول أيضا حالة توتر على الحدود الشمالية مع الجزائر، التي اتُّهمت مؤخرا بإسقاط طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي، الأمر الذي عمّق الأزمة بين الطرفين، ودفع حكومات مالي والنيجر وبوركينا فاسو إلى استدعاء سفرائها من الجزائر مطلع أبريل 2025.

Loading...