فضاء تعليمي نابض بالحياة: “سوق شعبية للمثابر الصغير” بالداخلة، فكرة مبتكرة تُقرب التلاميذ من واقعهم اليومي
الداخلة بلوس :
من داخل أسوار المؤسسة التعليمية الخاصة “المثابرة” بالداخلة، تفتقت فكرة فريدة خرجت إلى الوجود بفضل المجهودات الجادة لكافة الأطر الادارية و التربوية الذين لم يدخروا أي جهد في سبيل ان تتحول هذه المبادرة إلى واقع ملموس ضمن حدث استثنائي جذب الأنظار وأشعل حماس التلاميذ والأساتذة على حد سواء.
الفكرة بسيطة للغاية لكنها عميقة في أبعادها حيث جعلت من التعليم تجربة حية تتجاوز جدران الفصل وسبورة القسم ودفاتر التمارين.
في ساحة المدرسة، لم يكن اليوم يشبه سائر الأيام . فقد تحوّلت المؤسسة التعليمية إلى “سوق مصغّرة” تنبض بالحياة، تجمع بين التعلّم واللعب والملاحظة والتفاعل.
سوقٌ شُيّدت بعناية لتحاكي الأسواق الشعبية، تتألف من فضاءات متكاملة تنسج على منوال واقع التجارة اليومية للمجتمع المحلي.
فسوق الماشية كانت من أبرز المحطات، حيث حضرت فيها قطعان تضم أصنافا من البقر والغنم والإبل والماعز والخرفان، فيما تولى التلاميذ أدوار البائعين والوسطاء وحتى الزبائن، وهم يساومون ويتفاوضون بحيوية ودهشة وبراءة الأطفال.

أما سوق الخضر والفواكه فلم تكن أقل حيوية إذ صدحت حناجر الباعة ممجدين جودة منتوجاتهم، وهناك تعرف التلاميذ على أسماء المنتوجات الموسمية، وتعلموا كيف يناقشون الأسعار والوحدات وأسس معاملات البيع والشراء.

وفي ركن آخر، انتصب حانوت لبيع المواد الغذائية كما في حوانيت الحي، فيما خُصص فضاء خاص لـشيّ اللحوم والأسماك وتحضير الوجبات، فتعرف التلاميذ على مكونات الطبخ الشعبي، وتذوقوا نكهات مميزة في جوّ من المتعة والتقاسم.

كما كان هناك فضاء خاص بـبيع الملابس الجاهزة، حيث عرضت أمام التلاميذ أزياء مختلفة، وتفاعلوا مع زملائهم في محاكاة حقيقية لتجربة الشراء من المحلات والأسواق.

وقد تجول التلاميذ في أروقة هذه السوق المدرسية وهم يعيشون تجربة فريدة من نوعها: منهم من كان يتفاوض على الأسعار، وآخر يتعلم الحساب في سياق واقعي، وغيرهم يستمتع بالتجربة الفريدة مع الانخراط في أدوار حياتية تعزز الثقة بالنفس وروح المبادرة.

الفكرة، التي نالت إعجاب أولياء الأمور الذين حضروا بكثافة في هذا الحدث البارز، لاقت تفاعلاً واسعاً ووصفها الكثيرون منهم بالنموذج التربوي المُلهم الذي يجسد التعلم بالحياة، ويجعل من المدرسة ليس فقط مركز تربويا إشعاعيا بل فضاء اجتماعيا حقيقيا.
ليست المبادرة مجرد نشاط عابر، بل هي تجربة تعليمية متكاملة تجعل المدرسة منفتحة على محيطها السوسيو-اقتصادي.
بهكذا خطوة تبرهن هذه المدرسة أن الإبداع قد يبدأ بفكرة بسيطة، لكنها حين تعانق الشغف والإرادة، تتحول إلى درس يستحيل أن يٌسقطه التلاميذ من ذاكرتهم ليظل موشوما إلى الأبد.