واشنطن تكثف تدقيق طلبات التأشيرة عبر فحص حسابات التواصل الاجتماعي
أصدر وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، تعليمات للدبلوماسيين الأمريكيين بتفحص حسابات منصات التواصل الاجتماعي للأشخاص الراغبين في الحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك تأشيرات الدراسة، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، يأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، توسيعاً لجهوده الرامية إلى ترحيل الأجانب، خصوصاً الطلاب الذين أعربوا عن دعمهم للفلسطينيين في سياق الحرب الإسرائيلية على غزة.
وتوضح الصحيفة أن روبيو وجه الدبلوماسيين الأمريكيين في السفارات حول العالم بمراجعة حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للطلاب المتقدمين للحصول على تأشيرات دراسية أو تأشيرات تبادل ثقافي، بهدف التعرف على الأفراد الذين قد يكونون قد عبروا عن آراء ناقدة تجاه إسرائيل أو الولايات المتحدة. وقد تم إرسال برقية دبلوماسية بهذا الشأن إلى جميع السفارات الأمريكية، مؤكدة أهمية هذه الخطوة في إطار “تحليل الأمن القومي”.
تأتي هذه التعليمات في سياق متسارع بعد تسعة أسابيع من إصدار الرئيس ترامب أوامر تنفيذية تتعلق بترحيل بعض الأجانب، بما في ذلك الأشخاص الذين يُعتقد أنهم يحملون “مواقف معادية” تجاه الولايات المتحدة أو قيمها. وقد أكد تقرير “نيويورك تايمز” أن هذه الخطوة تهدف إلى تحديد الطلاب الذين قد يشكلون تهديداً محتملاً للأمن القومي الأمريكي.
وأكدت البرقية الدبلوماسية أن على القنصليات الأمريكية إجراء فحص إلزامي لحسابات وسائل التواصل الاجتماعي للطلاب المتقدمين للحصول على تأشيرات، وذلك عبر وحدة “منع الاحتيال”، التي تستخدم معايير دقيقة تشمل مراقبة أية تصريحات ناقدة أو داعمة لأجندات تعتبرها الحكومة الأمريكية تهديداً للأمن القومي. وقد ركزت البرقية بشكل خاص على الطلاب الذين تقدموا للحصول على تأشيرات بين 7 أكتوبر 2023 و31 غشت 2024.
واستجابة لهذه الإجراءات، حذرت الصحيفة من أن الطلاب الأجانب قد يبدأون في ممارسة رقابة ذاتية على منشوراتهم على منصات التواصل الاجتماعي خوفاً من تأثير ذلك على فرصهم في الحصول على تأشيرات، وهو ما قد يخلق حالة من القلق والتوتر بين الأوساط الطلابية الدولية.
وتناولت الصحيفة تفاصيل أنواع التأشيرات التي قد تتطلب فحصاً دقيقاً، مثل تأشيرات الطلاب “أف، أم، جي”، التي يتمتع حاملوها بفرص كبيرة للدراسة في الولايات المتحدة. كما أضاف التقرير أن الوزارة الأمريكية بدأت في تطبيق هذه الإجراءات على بعض الطلاب الأجانب الذين تم ترحيلهم أو إلغاء تأشيراتهم بناء على هذه السياسات الجديدة.
في الوقت ذاته، أشار متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن الوزارة لا تستطيع التعليق على المداولات الداخلية المتعلقة بالبرقية، لكنه أشار إلى أن الوزارة قامت بتعديل نماذج طلبات التأشيرات في عام 2019 لتشمل معلومات عن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للمتقدمين.
من جهة أخرى، كانت هناك حالات بارزة لردود فعل ضد هذه السياسة، مثل قيام الرئيس السابق لكوستاريكا، أوسكار أرياس، بنشر تعليق على وسائل التواصل الاجتماعي انتقد فيه السياسات الأمريكية، ليتم لاحقاً إلغاء تأشيرته للسفر إلى الولايات المتحدة. وقد شكل هذا الحادث سابقة لأول شخص أجنبي يتم إلغاء تأشيرته بموجب هذه الإجراءات الجديدة.
وفي مقابلة صحفية، أكد روبيو أن الطلاب الذين يشاركون في الاحتجاجات الجامعية أو يُظهرون تأييداً لقضايا معينة قد يتعرضون للطرد من الولايات المتحدة. وأضاف أن الوزارة تستخدم جميع الوسائل المتاحة لفحص المتقدمين للحصول على تأشيرات، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي لتحليل المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبينما تثير هذه الإجراءات تساؤلات حول مدى تأثيرها على حرية التعبير، يؤكد المسؤولون الأمريكيون أنها تهدف إلى حماية الأمن القومي وضمان سلامة القيم الأمريكية، مما يجعل هذه السياسة محوراً للجدل المستمر في الأوساط السياسية والشعبية داخل الولايات المتحدة وخارجها.