نفق مضيق جبل طارق.. حلم قد يصبح حقيقة في المستقبل القريب

سلطت صحيفة “إلباييس” الإسبانية الضوء على مشروع نفق مضيق جبل طارق الذي يعيد إحياء فكرة ربط قارة أفريقيا بأوروبا عبر نفق تحت البحر، وهي فكرة قديمة تعود إلى الأساطير، حيث يُقال إن هرقل في إحدى مهامه الأسطورية قد قام بتقسيم الجبل الذي يفصل بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. وعلى الرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على هذا الحلم البشري، فإن المشروع لا يزال يواجه تحديات تقنية واقتصادية وسياسية.

وبحسب تقرير الصحيفة، تم تخصيص 104 مليون يورو لدراسات الجدوى المتعلقة بالمشروع، بمشاركة كل من الحكومتين الإسبانية والمغربية. وفي عام 1979، تم اتخاذ خطوات جدية لتنفيذ المشروع بعد اجتماع بين الملك الإسباني خوان كارلوس الأول والملك المغربي الحسن الثاني. منذ ذلك الحين، تم تقديم العديد من الدراسات والخطط التي اصطدمت دائمًا بالتعقيدات الفنية والاقتصادية.

وفي أبريل 2023، تمت إعادة إحياء المشروع بعد لقاء بين وزيرة النقل الإسبانية راكيل سانشيز ووزير النقل المغربي، حيث تم الاتفاق على تجديد دراسات الجدوى. منذ ذلك الحين، شهد المشروع دفعة مالية كبيرة، حيث تم تخصيص 100,000 يورو في عام 2022، ثم ارتفع المبلغ إلى 750,000 يورو في نفس العام، ليصل في عام 2024 إلى 2.7 مليون يورو، بالإضافة إلى دعم من الاتحاد الأوروبي بقيمة 2.02 مليون يورو.

وأوضح خوسيه لويس جوبيرنا كاريد، الرئيس التنفيذي للهيئة المسؤولة عن دراسة المشروع، أن الأموال ستوجه نحو تطوير الدراسات التقنية المتعلقة بالنفق وتجديد المشروع الأساسي الذي يعود إلى عام 2007. كما أكد أن فريقًا من المهندسين والمختصين يعمل مع الهيئة المغربية “الشركة الوطنية لدراسات مضيق جبل طارق” (SNED) لتقديم دراسات شاملة.

في الآونة الأخيرة، تم تحديد خيار بناء نفقين يربطان بين طنجة في المغرب والخزيرات في إسبانيا، وهو ما يمثل نقلة نوعية مقارنة بالخطة الأصلية. يهدف المشروع إلى بناء نفق يصل طوله إلى 60 كيلومترًا، منها 28 كيلومترًا تحت سطح البحر، وهو ما يضعه في منافسة مع أطول الأنفاق في العالم، مثل “نفق القناة” بين بريطانيا وفرنسا.

رغم أن التكلفة الإجمالية للمشروع تقدر بحوالي 15 مليار يورو، بما يشمل جميع مراحل الدراسة والاستكشاف والبناء، فإن التحديات الاقتصادية والفنية لا تزال قائمة. وقد تم تخصيص 480,000 يورو في نوفمبر الماضي فقط لشراء أجهزة لقياس النشاط الزلزالي في المنطقة، وهي خطوة حيوية لتقييم المخاطر التكتونية.

من الناحية الجيوسياسية، أشار تقرير الصحيفة إلى وجود مقاومة خارجية، خاصة من المملكة المتحدة التي قد تشعر بالقلق حيال تأثير المشروع على التجارة بين أوروبا وأمريكا. كما أن هناك تساؤلات حول تأثير المشروع على العلاقات بين إسبانيا والمغرب.

ويظل مشروع نفق مضيق جبل طارق حلمًا بشريًا قد يصبح حقيقة في المستقبل القريب، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها.

Loading...