الرئيس الجزائري المعيّن في زيارة إلى موريتانيا لكسر العزلة متسلحا باحلام اليقظة
في مشهد دبلوماسي يحمل أبعادًا كوميدية، وصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى موريتانيا في زيارة هي الأولى له منذ إعادة انتخابه، متسلحًا بخريطة جديدة لأحلامه الإقليمية.
هذه الزيارة التي جاءت بعد عقود من الغياب الرئاسي الجزائري عن نواكشوط، تبدو وكأنها محاولة لإثبات أن الجزائر ليست معزولة دبلوماسيًا على الأقل في حدود موريتانيا وتونس.
بينما يتسابق قادة الدول لبناء شراكات عالمية وفتح آفاق جديدة، اختار الرئيس تبون موريتانيا كوجهة أولى بعد ولايته الثانية، مؤكدًا أن الدبلوماسية الجزائرية تعرف جيدًا أين تبدأ، لكنها لا تضمن أين تنتهي.
موريتانيا، البلد الهادئ الذي يبدو وكأنه يحاول إخفاء ابتسامته الساخرة من هذه الزيارة، وجد نفسه فجأة في قلب “استراتيجية” الجزائر الجديدة، حيث تحاول الأخيرة الترويج لنفسها كمركز إقليمي رغم أنها بالكاد تتجاوز حدودها.
من المعبر الحدودي إلى الطريق البري الرابط بين تيندوف والزويرات، يبدو أن الجزائر اكتشفت متأخرة أن بناء الطرق هو البداية الحقيقية للدبلوماسية.
ومع ذلك، فإن الحديث عن “مشاريع البنية التحتية الكبرى” قد لا يخفي حقيقة أن العلاقات الاقتصادية مع موريتانيا تعتمد على منتجات الطاقة، وكأن الجزائر تقول: “لدينا النفط… وهذا يكفي!”.
ولعل الأكثر إثارة هو أن آخر زيارة لرئيس جزائري إلى موريتانيا كانت عام 1987، حين قام الشاذلي بن جديد بزيارته التاريخية، ومنذ ذلك الحين، يبدو أن الجزائر اعتقدت أن وجودها الجغرافي يكفي لتثبيت علاقاتها، لكنها اليوم تدرك – وإن متأخرًا – أن العالم لا ينتظر أحدًا.
في الوقت الذي تتحرك فيه دول المنطقة نحو شراكات عالمية واستثمارات حقيقية، تجد الجزائر نفسها في سباق إقليمي يبدو أشبه بمحاولة اللحاق بركب لم تلاحظ انطلاقه أصلًا.
وبينما تصف وسائل الإعلام الرسمية الزيارة بـ”التاريخية”، يبدو أن الهدف الحقيقي هو مجرد إثبات أن الجزائر لا تزال موجودة دبلوماسيًا… حتى لو كانت وجهتها الأولى موريتانيا.
بين التصريحات الرنانة والمشاريع “العملاقة”، تبقى الأسئلة الكبرى: هل ستنجح الجزائر في كسر عزلتها حقًا؟ أم أن زيارات تبون ستبقى محصورة بين الجيران الأقرب؟ في النهاية، يبدو أن الجزائر قررت أخيرًا التحرك… لكنها نسيت أن العالم تجاوز زمن “الزيارات التاريخية” منذ زمن طويل.