تحت القيادة الملكية الرشيدة.. إصلاحات ناجعة في مجال تكريس الحقوق والحريات الأساسية
في رسالة إلى المشاركين في المناظرة الدولية التي انعقدت في دجنبر الماضي بالرباط حول موضوع “30 التزاما كونيا من أجل الكرامة الإنسانية: كونية حقوق الإنسان: فعلية تحققت أم مسار غير مكتمل؟”، أكد جلالة الملك أن الاحتفال بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان يأتي في خضم التوترات والمخاطر التي تستهدف أمن واستقرار ورخاء الشعوب.
وفي ظل هذه التحديات، يقل جلالة الملك، اختار المغرب أن يسلك مسارا حقوقيا خاصا به، عرف ومازال تطورا ملحوظا، بصم التجارب الدولية في هذا المجال، موردا أن التزام المملكة المغربية بالنهوض بحقوق الإنسان على المستوى الوطني لم يتوقف عند تكريسها الدستوري فحسب، بل أصبح ركيزة للسياسات العمومية، ومحددا رئيسيا للاختيارات الإستراتيجية، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
وأكد جلالة الملك أن تشبث جلالته الراسخ بالدفاع عن هذه الحقوق وتكريسها لا يعادله إلا حرص جلالته الوطيد على مواصلة ترسيخ وتجويد دولة الحق والقانون وتقوية المؤسسات، باعتباره خيارا إراديا وسياديا، مضيفا أن المملكة حريصة على تعزيز رصيد هذه المكتسبات، بموازاة مع التفاعل المتواصل والإيجابي مع القضايا الحقوقية المستجدة، سواء على المستوى الوطني أو ضمن المنظومة الأممية لحقوق الإنسان.
وفي مستهل هذه السنة، فاز المغرب برئاسة مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، للفترة 2024-2025، وذلك بعد حصوله على 30 صوتا من أصل 47 صوتا في الدورة الانتخابية التي عقدت اليوم في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.
انتخاب المملكة المغربية لرئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة برسم سنة 2024 يؤكد على نجاعة الإصلاحات التي يقودها جلالة الملك محمد السادس في مجال تكريس الحقوق والحريات الأساسية المشهود له بها دوليا، في العديد من المجالات.
هذا المنصب المتميز الذي حظيت به المملكة، يأتي في سياق الاعترافات المتتالية بمصداقية وحنكة السياسة الخارجية الرشيدة للمملكة المغربية التي تم تأسيسها على الوضوح والتوازن والمصداقية.
تولي المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان فرصة لإصدار حزمة من القرارات والتدابير الجريئة على مستوى تعزيز حماية حقوق الإنسان والنهوض بها بالمملكة، سواء على مستوى استكمال ملاءمة التشريعات الوطنية مع مستلزمات الممارسة الاتفاقية للمغرب، أو على مستوى السياسات العمومية أو حكامة المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان ونجاعتها.
انتخاب المملكة المغربية لرئاسة الهيئة الأممية يعتبر وساما واعترافا من لدن المجتمع الدولي بحنكة وتبصر السياسة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، كما أن هذا المنصب يعد ضربة موجعة لعملاء النهج الانفصالي وأعداء الوحدة الترابية.
وجاء فوز المغرب على حساب جنوب إفريقيا، التي حصلت على 17 صوتا فقط، حيث تعد هذه المرة الأولى التي يفوز فيها المغرب برئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وفي تعليقها على الحدث، اعتبرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن انتخاب المغرب، لأول مرة في تاريخه، لرئاسة هذه الهيئة الأممية المرموقة، يعد اعترافا من قبل المجتمع الدولي بالرؤية المتبصرة للملك محمد السادس، في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان.
وأضافت وزارة الشؤون الخارجية، في بيان لها آنذاك، أن “الفوز المغربي، هو أيضا اعتراف بالجهود التي يبذلها المغرب في مجال ترسيخ دولة الحق والقانون واحترام حقوق الإنسان، والتي تجسدت في مجموعة من الإصلاحات الدستورية والتشريعية والهيكلية التي تم إقرارها في السنوات الأخيرة”.
وأبرز البلاغ أن انتخاب المملكة، بفضل تأييد عدد كبير من البلدان من كافة أنحاء العالم، وبالرغم من التعبئة المضادة للجزائر وجنوب إفريقيا، يكشف عن الثقة والمصداقية التي يحظى بها التحرك الخارجي للمغرب تحت القيادة الملكية في إفريقيا، وعلى الساحة الدولية، والمنظومة متعددة الأطراف.
وأكد الخارجية أن “المملكة المغربية، التي تقدم مساهمة معترفا بها داخل مجلس حقوق الإنسان، وخاصة ضمن العمليات المؤس سة لتطوير هذه الهيئة، تعرب عن سعادتها بالثقة التي وضعت فيها. وترى في ذلك إشارة دعم قوية من قبل المنتظم الدولي لمقاربتها البناءة، وريادتها الموحدة حول قضايا رئيسية مثل حوار الأديان، والتسامح ومكافحة الكراهية العنصرية، والحق في بيئة سليمة ومستدامة، وحقوق المهاجرين وتأثير التكنولوجيات الجديدة”.
وخلص البلاغ إلى أن المملكة، ستظل وفية خلال رئاستها، للنهج الذي سارت عليه طيلة ولاياتها الثلاث داخل مجلس حقوق الإنسان، بإعطاء الأولوية دائما للحوار والتآزر والتوافق. وبذلك تعتزم المملكة، مواصلة العمل بشكل نشيط، مع أعضاء المجلس وكافة المجموعات الإقليمية، من أجل تقوية وإشعاع هذه الهيئة المهمة في المنظومة الحقوقية للأمم المتحدة.
وأشادت العديد من الهيئات السياسية والحقوقية والمدنية في المغرب وفي الخارج، بهذا التتويج الذي يعكس مكانة المغرب في المنتظم الحقوقي الدولي، واعتبرت هذا الانتصار اعترافا حقيقيا وصريحا من المنتظم الدولي بالحمولة الحقوقية التي راكمتها المملكة، ومصداقية الإصلاحات التي باشرتها في مجال حقوق الإنسان، وتعزيز ركائز دولة الحقوق والحريات، التي انخرطت فيها المملكة منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين.
ونوت هذه الهيئات بالتطور الحقوقي الملحوظ الذي عرفته المملكة في العقود الأخيرة من خلال إحداث كل من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وهيئة الإنصاف والمصالحة، والمجلس الوطني لحقوق الانسان، وإصدار دستور 2011، الذي ورد في ديباجته تشبث المملكة المغربية بحقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالميا.
كما سجلت الاحزاب السياسية المغربية اعتزازها بما تحقق في هذا الإطار من تطور ديمقراطي بالمملكة بفضل نضالات وتضحيات القوى الديمقراطية الوطنية، واعتزازها بالثورة الدستورية والديمقراطية الهادئة والواعدة التي يخوضها العرش والشعب بكل شرائحه وفئاته بقيادة جلالة الملك محمد السادس، والحافلة بالإصلاحات الدستورية والسياسية والقانونية والانتخابية.
وعبرت عن اعتزازها بالتتويج الحقوقي الأممي الذي حظيت به المملكة من خلال انتخابها لأول مرة رئيسا لمجلس حقوق الإنسان الدولي وذلك اعترافا من المجتمع الدولي بنجاعة الإصلاحات السياسية والدستورية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية التي يقودها جلالة الملك، وهو تتويج يعكس الإرادة المتبصرة لجلالته لتعزيز حقوق الإنسان باعتبارها خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه، وتثمينا للأدوار الريادية للمغرب في مجال حقوق الإنسان والثقة والمصداقية التي تحظى بها على المستوى الإقليمي والدولي.