هل تحسم زيارة الرئيس الكيني للرباط موقفه من ملف الصحراء المغربية؟
يزور الرئيس الكيني، ويليام روتو، المغرب خلال الأسابيع المقبلة، مُحملا بملف الاستثمار المنتظر للمكتب الشريف للفوسفاط لإنتاج مصنع كبير للأسمدة على أراضي بلاده، وهي الرحلة التي يُنتظر أن تقوده إلى لقاء جلالة الملك محمد السادس، ويُتوقع أيضا أن تكون حاسمة بخصوص موقف بلاده من قضية الصحراء المغربية.
وقالت صحيفة “كينيانز” الكينية، إن الرئيس روتو سيزور المملكة خلال الأسابيع المقبلة لمناقشة إنشاء مصنع للأسمدة، وأضافت نقلا عن مصادر حكومية أن الكاتب الأول المكلف بالشؤون الخارجية، كورير سينغ أوي، ناقش الأمر مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
وأوضح المصدر ذاته أن سينغ أوي سافر إلى المغرب في 21 مارس الماضي لتسليم طلب الرئيس روتو إجراء مُحادثات مع جلالة الملك محمد السادس، وهو الأمر الذي حظي بالموافقة منذ ذلك الحين، موردا أنه من المتوقع الإعلان عن اتفاق رسمي لتأسيس شركة للأسمدة في كينيا.
وفي تصريح للصحافة عقب مباحثاتهما الثنائية قال سينغ أوي، إنه سلم بوريطة رسالة من رئيس جمهورية كينيا، وليام روتو، إلى جلالة الملك مشيدا بالعلاقات الثنائية التي تجمع المملكة المغربية وجمهورية كينيا.
وفي 8 مارس المنصرم، قام رئيس الدولة الكينية بتعيين جيسيكا موثوني جاكينيا سفيرة لدى المملكة. وقبل ذلك بثلاثة أيام، أجرى وزير الشباب والثقافة والاتصال محمد مهدي بن سعيد محادثات بالرباط مع نظيره الكيني أبابو ناموامبا.
ويعمل على هذا الملف، وزير الفلاحة الكيني، ميخيتا لينتوري، مع المكتب الشريف للفوسفاط، من أجل بناء تصور المنشأة، ووفق الصحيفة الكينية، فإن نيروبي ترغب في السير على خطى نيجيريا وإثيوبيا، الدولتان الأفريقيتان اللتان استفادتا من الخبرة المغربية في صناعة الأسمدة.
ويأتي إعلان زيارة روتو إلى المغرب بعد ثلاثة أسابيع على تدشين سفارة كينيا بالرباط، كما تتزامن هذه الرحلة مع أزمة نقص توزيع الأسمدة على الفلاحين التي تعيشها البلاد.
وتعيش البلاد أزمة حقيقية على المستوى الفلاحي بسبب تداول أسمدة يقول المزارعون إنها مزيفة، وهو ما تحول إلى احتجاجات واجهتها الحكومة بالقوة، بينما رفضت وزارة الفلاحة الاعتراف بوجود تلك الأسمدة معتبرة أن الأمر مجرد إشاعة مغرضة.
وتسعى كينيا إلى تكرار تجربة أبوجا وأديس أبابا مع الرباط، وهو ما يُتيح للمغرب المُضي في “دبلوماسية الأسمدة”، حيث لعبت استثمارات المكتب الشريف للفوسفاط دورا حاسما في تجميد كينيا وإثيوبيا، عمليا، دعمهما لجبهة “البوليساريو” الانفصالية، بسبب المصالح الاقتصادية مع المملكة، حتى وإن كانا لم يسحبا الاعتراف بالجبهة من الناحية الرسمية.
ومن المنتظر أن تكون رحلة روتو إلى المغرب حاسمة في توضيح موقف بلاده من مغربية الصحراء، بعد الجدل الذي كان أثاره في منتصف سبتمبر 2022، عندما غرد على منصة تويتر أنه سيسحب اعتراف كينيا بما يُسمى “الجمهورية الصحراوية” الوهمية، ثم عاد وسحب التغريدة، قبل أن يصرح بأن موقف بلاده “لم يتغير وسيظل دائما هو تبني مواقف الأمم المتحدة”.
وشكّلت تغريدة روتو انتكاسة لجبهة بوليساريو. وما زاد من الوقع المفاجئ لقرار إلغاء الاعتراف بالكيان الوهمي أنّه أتى بعد أقلّ من 24 ساعة على تنصيب روتو في حفل أقيم في نيروبي وحضره زعيم جبهة بوليساريو، المجرم إبراهيم غالي.
ويقود المغرب حملة دبلوماسية مكثّفة لدفع دول جديدة إلى دعم مواقفه، منذ أن انتزع اعتراف الإدارة الأميركية في عهد دونالد ترامب، بسيادته على صحرائها نهاية 2020.
وحققت الدبلوماسية المغربية الكثير من الاختراقات إقليميا وقاريا ودوليا من حيث اعتراف العديد من الدول بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، رغم الضغوط التي قام بها نظام العسكر الجزائري الحليف الأبرز لمرتزقة ابوليساريو لعرقلة تلك النجاحات.
ويرى مراقبون أن بعض التحركات التي يقوم بها الانفصاليون بدعم من الجزائر، سواء من خلال استقبال ممثلين عنهم في البرلمان الفرنسي أو مشاركة رئيسهم المجرم إبراهيم غالي في مؤتمر تيكاد 8 واستقباله من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد لم تنجح في التشويش على النجاحات الدبلوماسية المغربية.
وفتحت العديد من الدول الأفريقية قنصليات لهل في مدينة العيون والداخلة واعترفت بمشروع الحكم الذاتي المغربي، وهو ما يعتبر انتصارا للديبلوماسية المغربية ضد نظام العسكر الجزائري الذي يواصل دعم وتمويل وتسليح وإيواء مرتزقة البوليساريو لتقسيم المغرب وعرقلة كل نمو بالمنطقة.
وكان جلالة الملك محمد السادس قد شدد في خطاب ألقاه في غشت 2022 بأن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم”، معتبراً في السياق نفسه أنه “المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”، وطالب جلالته الدول بـ “أن توضح مواقفها، بشكل لا يقبل التأويل”.
عن موقع جريدة “العرب” بتصرف