انهيار أمني غير مسبوق في مخيمات تندوف.. هل تنفلت الأمور من يد العسكر الجزائري؟
كلما حاولت جبهة الانفصال إظهار جانب مغاير لحقيقة الأوضاع تحت خيام لحمادة، يأبى السكان المقهورون إلا أن يؤكدوا أن ما يعيشونه من قمع وقهر فاق كل التوقعات، ولا يمكن إخفاؤه بمساحيق الأكاذيب الإعلامية والخطاب الخشبي المفضوح، الذي لم يعد ينطلي على أحد، مهما بلغ مستوى سذاجته.
وقالت الصباح التي أوردت التفاصيل، أن جبهة البوليساريو تشهد، منذ ثلاث سنوات، انهيارا أمنيا غير مسبوق، وانعداما تاما لأي دور في ضبط الحياة بالمخيمات، في ظل تناسل الخلافات العميقة بين قيادييها المتناحرين على التقرب من ضباط المخابرات الجزائرية، إذ فرض هؤلاء سيطرتهم، بشكل كامل، على كل حيثيات تسيير المخيمات، في حين تولت المخابرات الخارجية وأزلامها من وزارة عطاف، تسطير الأجندات الملائمة، في إطار توظيف معاناة الصحراويين لمحاولة معاكسة الدبلوماسية المغربية، وتضليل الرأي العام الدولي، عبر دعاية الأقصاف الخيالية، التي لا يدري حقيقة زيفها سوى أبناء الصحراويات، الذين يتجرعون يوميا هول الخسائر التي تحدثها المسيرات المغربية.
ورغم أن جل سكان المخيمات يعرفون، منذ وضع أول خيمة في احمادة تندوف، أن العسكر الجزائري يحتفظ باليد العليا في تسيير تلك البؤرة الموبوءة، بكل أنواع الجرائم، خصوصا تجارة البشر والمخدرات والأسلحة والقتل خارج القانون والاغتصاب، إلا أن تراخي وترهل كل مفاصل التنظيم، واتساع رقعة فشل قيادته داخليا أدت إلى تنامي سيطرة الأجهزة الجزائرية المباشرة على مساحات كانت تمنحها عادة لقادة بوليساريو، على الأقل، ليثبتوا أنفسهم أمام مؤيديهم.
فقد استولت، بشكل واضح، على كل ما له علاقة بترتيب الحياة في المخيمات مع الحرص على إبقاء بعض المهرجين في الواجهة. غير أن هوس عسكر الجزائر بالسيطرة الميدانية على المخيمات لم يأخذ في الحسبان التحولات الاجتماعية التي تعرفها، إذ لم يكن يظن أن الشباب الصحراوي سيتجرأ يوما على تحدي آلته القمعية التي فتكت بأرواح مئات الصحراويين، الذين قضوا رميا برصاص حرس الحدود الجزائريين، الذين يطوقون المخيمات، وحرقا في حفر التنقيب عن الذهب، أو تحت التعذيب في غياهب معتقلات المخابرات الجزائرية، فهل تنفلت الأمور من يد العسكر الجزائري في هذه الرقعة الملتهبة بمخيمات تندوف؟