الولايات المتحدة الامريكية..المزارعون يشتكون من الغلاء بعد التضييق على الأسمدة المغربية

قررت الولايات المتحدة الأمريكية، في نونبر المنصرم، خفض الرسوم الجمركية المفروضة على الأسمدة الفوسفاتية المغربية المستوردة إلى العُشر تقريبا، وذلك تحت ضغط الفلاحين الأمريكيين الذين عانوا من ارتفاع أسعارها، في حين قررت رفعها على الواردات القادمة من روسيا في ظل الصراع بين البلدين على خلفية استمرار حرب موسكو ضد أوكرانيا.

وصدر قرار وزارة التجارة الأمريكية بتاريخ 2 نونبر 2023 القاضي بتخفيض الرسوم الجمركية على الأسمدة الفوسفاتية القادمة من المغرب، لتتقلص من 19,97 في المائة إلى 2,12 فقط، الأمر الذي يلي ضغطا كبيرا قامت به جمعيات المزارعين في الولايات المتحدة لأمريكية، وخصوصا جمعية منتجي “فول الصويا” التي أعربت منذ سنوات عن رفضها القرار الأمريكي السابق برفع الرسوم على المنتجات المغربية.

إلا ان هذا الإجراء لم يحل مشكل المزارعين الامريكيين، حيث وجهت الرابطة الوطنية لمزارعي الذرة في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب 57 منظمة مهنية فلاحية أخرى في البلد، يوم الخميس المنصرم، مراسلة إلى لجنة التجارية الدولية الأمريكية في شأن الآثار التي أحدثتها التعريفات الجمركية على شحنات الأسمدة الفوسفاتية المغربية على المزارع العائلية، مسجلة أن “ارتفاع أسعار مدخلات الأسمدة أثر على المزارعين ومربي الماشية في أمريكا”.

وتأتي مراسلة هذه الهيئات المهنية بعد أن أمرت محكمة التجارة الدولية الأمريكية اللجنة سالفة الذكر، في شتنبر الماضي، بإعادة تقييم الضرر المادي المترتب على قرار سابق لها قضى بفرض رسوم تعويضية على واردات الفوسفات القادمة من كل من المغرب وروسيا في غضون سبعة أشهر، مسجلة أنه “مع استمرار المزارعين في مواجهة التكاليف المرتفعة وتحديات الإمداد بالأسمدة فإن الهيئات المهنية تشعر بقلق عميق إزاء الإجراءات التي تحد من توفر هذه الأسمدة في السوق الوطني”.

وحثت المنظمات الفلاحية الموقعة على المراسلة لجنة التجارة الدولية الأمريكية على إعادة تقييم الوضع الحالي والأضرار المترتبة عليه، على النحو الذي أثارته محكمة التجارة الدولية، وأخذه بعين الاعتبار عند صياغة التقرير المُنقح حول الأضرار الناجمة عن قراراتها السابقة، لافتة في الوقت ذاته إلى أن “محكمة التجارة الدولية سجلت مجموعة من الأخطاء في عملية حسابات الرسوم الجمركية”، ومعبرة عن أملها أن تأخذ كل هذه النقاط على محمل الجد عند إصدار أي قرارات وشيكة.

من جهتها أشادت الرابطة الوطنية لمزارعي الذرة، في بيان لها، بقرار وزارة التجارية الأمريكية في نونبر الماضي، القاضي بخفض الرسوم الجمركية على الأسمدة المغربية المنشأ من 19,97 في المائة إلى 2,12 في المائة، غير أنها اعتبرت أن هذا القرار “كان بأثر رجعي إلى حد كبير”، مسجلة أن “الشركة المغربية المنتجة للأسمدة (المجمع الشريف للفوسفاط) أوقفت شحن جميع منتجاتها باستثناء منتج واحد إلى الولايات المتحدة الأمريكية”، ولافتة إلى أن “جهودها الرامية إلى تخفيض الرسوم الجمركية بشكل دائم ستشمل مجموعة من الخطوات ومن المؤسسات المعنية بالأمر خلال الأشهر المقبلة”.

في السياق ذاته قال هارولد وول، رئيس الرابطة الوطنية لمزارعي الذرة في الولايات المتحدة الأمريكية، يوم الخميس 7 دجنبر الجاري، في مقال له على موقع “رييل كلين بوليسي”، إن المزارعين في مختلف أنحاء البلاد “واجهوا على مدى السنوات الثلاث الماضية ارتفاعا قياسيا في تكاليف الأسمدة، وقد تفاقمت هذه التكاليف بسبب التصرفات غير الحكيمة التي اتخذتها الحكومة، وأدت إلى ارتفاع أسعار الأسمدة بنسبة تجاوزت 30 في المائة”.

وأوضح المسؤول المهني ذاته أن “القرار الذي تم اتخاذه أوائل العام 2021 بزيادة الرسوم التعويضية على الإمدادات الأساسية من الفوسفات الذي يقدمه المغرب لمصنعي الأسمدة المحليين أضر بالإيرادات الأساسية للمزارعين الأمريكيين، وساهم في زيادة ما يدفعه المستهلكون في جميع أنحاء البلد مقابل منتجاتنا”، مضيفا أن “الـ15 من الشهر الجاري سيشكل فرصة لوزارة التجارة لإصلاح هذا الوضع وإعادة النظر في قرار فرض تعريفة بنسبة 20 في المائة على الفوسفات المغربي”.

وكانت وزارة التجارة الأمريكية أعلنت، في بيان لها الشهر الماضي، أنها ستقوم بـ”تخفيض الرسوم المفروضة على الفوسفات المستورد من المغرب”، وذلك بعد الطلبات التي رفعت إليها في هذا من قبل عدد من المزارعين والمنظمات المهنية، إضافة إلى عدد من أعضاء الكونغرس.

وأدى تحرك المزارعين الأمريكيين إلى دفع المُشرعين للضغط على إدارة الرئيس بايدن من أجل خفض الرسوم المقررة منذ سنة 2020، حيث بعث أكثر من 30 عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي مراسلة إلى وزارة التجارة الأمريكية تحثها على مراجعة الرسوم الجمركية على الأسمدة المغربية في اتجاه تخفيضها، بعدما ارتفع سعرها في السوق الأمريكي.

وفي المقابل قررت الإدارة الأمريكية رفع الرسوم المفروضة على الأسمدة القادمة من روسيا لتعادل ثلاث مرات تقريبا قيمتها الأولية، حيث انتقلت من 9,19 في المائة إلى 28,5 في المائة، وذلك في ظل العقوبات الغربية المفروضة على التعاملات التجارية لروسيا واتجاه المزارعين الأمريكية أكثر إلى المنتجات الفوسفاتية المغربية.

ويعود قرار رفع الرسوم الجمركية إلى سنة 2020، عندما تحركت شركة “موزاييك” الأمريكية ضد المنتجات المغربية المنافسة لها، مقدمة شكاية إلى الحكومة تدعي فيها أن الأسمدة المغربية تتوفر على دعم حكومي، على اعتبار أن مؤسسة المكتب الشريف للفوسفات مملوكة للدولة، ما يعني أنها تضرب المنافسة عبر بيع منتجاتها بأثمنة منخفضة وتتلقى في المقابل تعويضات من الحكومة.

واستجابت الإدارة الأمريكية لشكاية الشركة، لتقرر رفع الرسوم الجمركية بشكل أولي إلى 23,46 في المائة كإجراء تعويضي على مبيعاتها السابقة، قبل أن تستقر عند حدود 19,97 في المائة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع ثمنه في السوق والإضرار بالمزارعين الأمريكيين، وهو ما أكدته المراجعة السنوية للأسعار التي أجرتها وزارة التجارة الأمريكية.

وكانت جمعية مزارعي فول الصويا الأمريكية إلى جانب جمعيات أخرى تمثل مزارعي الذرة والقطن، قد بدأت منذ مارس 2021 إجراءاتها لمعارضة رفع الرسوم الجمركية، وفي أكتوبر من العام الجاري قادت الجمعية تحالفا مع 26 جمعية فلاحية أخرى حيث بعثَ رسالة إلى وزيرة التجارة جينا رايموندو تحثها على ضرورة إعادة النظر في تلك الرسوم بسبب تأثيراتها الكبيرة على المزارعين.

Loading...