نص ورقة ” الصحراء المغربية ” ؛ التي شارك بها الحسن لحويدك في المؤتمر الثالث للمنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان بالقنيطرة .

الداخلة بلوس : مراسلة

نص ورقة ” الصحراء المغربية ” ؛ التي شارك بها الحسن لحويدك عضو المكتب الوطني المنسق المكلف بالقضية الوطنية وباللجنة الوطنية لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف بالمنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان ، وذلك في أشغال المؤتمر الثالث للمنتدى ؛ المنظم يومي 28و29 مايو الجاري في كل من مدينتي القنيطرة والمهدية .
وفيما يلي نص عنوان الورقة لتعميم الفائدة :
” الصحراء المغربية على ضوء المكتسبات الأخيرة ”

عرف الخلاف الإقليمي حول الصحراء المغربية في الآونة الاخيرة تطورات حاسمة لصالح الوحدة الترابية للمغرب ، تميزت بتحولات ومواقف سياسية إيجابية لعدد من القوى الدولية المؤثرة في هذا المسار ، والتي لها ثقلها في هذا الملف على الصعيدين الدولي والإقليمي .
ومن هذا المنطلق ، سيتم التركيز في هذه الورقة على ابرز المحطات التي شهدتها هذه التطورات ، التي اكيد ، سيكون لها ما بعدها في هذا النزاع الخلاف الإقليمي المفتعل الذي عمر طويلا بسبب الموقف الجائر للنظام الجزائري الذي سخر كل إمكانياته لمعاكسة المغرب في وحدته الترابية .
وفي هذا السياق ، شكل الحدث التاريخي الأبرز في هذه الفترة الاخيرة ، اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية في 10 دجنبر 2020 ، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية ، تحولا استراتيجيا وانجازا دبلوماسياً لصالح المغرب ، وصفعة قوية لاعداء الوحدة الترابية .
وعلى هذا الاساس، وكأول تجسيد لهذه الخطوة السيادية الهامة، قررت الولايات المتحدة فتح قنصلية بمدينة الداخلة، تقوم بالأساس بمهام اقتصادية، من أجل تشجيع الاستثمارات الأمريكية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما لفائدة ساكنة الأقاليم الجنوبية.
وعلى صعيد آخر ، تم تنظيم مناورة الأسد الإفريقي في دورته 17 من 7 إلى 18 يونيو 2021 ، حيث حلت الجيوش الأمريكية والمغربية بمنطقة المحبس .
كما ان رسالة رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز الى جلالة الملك محمد السادس ، التي تم التعبير من خلالها عن إقرار إسبانيا الصريح بسيادة المغرب على اقاليمه الجنوبية ، والتي توجت بزيارة قام بها رئيس الحكومة الإسبانية للمغرب ، اكدت موقفا حاسما بشان الخلاف الإقليمي المفتعل حول مغربية الصحراء ، وتاييدا بصفة مبدئية وعلنية لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 ، معتبرة انها الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف ، مشيدة بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يقوم بها المغرب في إطار الأمم المتحدة من أجل تسوية ترضي جميع الأطراف .
وفي هذا الإطار ، تؤكد إسبانيا على أنه سيتم اتخاذ هذه الخطوات من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين .
ويستنتج ، في هذا الإطار ، ان هذا الموقف التاريخي للحكومة الإسبانية بصفتها قوة استعمارية سابقة للصحراء المغربية ، سيجعل من ملف القضية الوطنية الاولى للمغرب يدخل مرحلة جديدة نحو التعجيل بالتسوية النهائية في إطار مباردة الحكم الذاتي ، تحت السيادة المغربية التي عرفت تاييدا واسعا من طرف المنتظم الدولي .
وتنبغي الإشارة ، في هذا الصدد ، ان الموقف الإسباني الذي جسد الاعتراف بالوحدة الترابية بشان مغربية الصحراء ، والتأييد المطلق لمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادته ، سيشكل تحولا حاسما في مسار الوحدة الترابية العادلة للمغرب ، ويفضح كل الاباطيل والتضليل التي طالما مارسها النظام الجزائري ، مما سيضعه في عزلة إقليمة ودولية .
ومن جهة اخرى ، اعتبرت ألمانيا أيضا مخطط الحكم الذاتي بمثابة جهود جادة وذات مصداقية من قبل المغرب، وأساس جيد للتوصل الى اتفاق لهذا النزاع الاقليمي.
ونفس الموقف الألماني ، هو الذي أعربت عنه الفلبين، هذه الدولة الآسيوية الوازنة .
وبخصوص استفزازات عناصر البوليساريو في منطقة الكراكرات ، تم الإشادة وطنيا ودوليا بالتدخل السلمي لعناصر الجيش المغربي، والذي بموجبه تم تطهير معبر الكركرات من المليشيات الانفصالية التي تسببت في عرقلة الحركة المدنية والتجارية ، والقيام بأفعال بلطجة وتخريب ، وإزالة  اي خطر قد يهدد امن و سلامة الحركة التجارية بالمعبر .
وقد كرس هذا التدخل السلمي السيادة الوطنية المشروعة للمغرب على اقاليمه الجنوبية ، ومكن من عدم السماح بتغيير للوضع القانوني للمنطقة .
واتسمت هذه المرحلة أيضا ، بتزايد افتتاح العديد من القنصليات العامة للدول العربية والإفريقية والأمريكية في مدينتي العيون والداخلة، بما في ذلك قنصلية منظمة دول شرق البحر الكاريبي التي تضم ست دول أعضاء في الأمم المتحدة، وأيضا جمهورية سورينام التي افتتحت قنصلية عامة لها بالداخلة يوم الخميس 26 مايو 2022 . ويكرس افتتاح هذه القنصليات الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء وفقا لاتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية ، وللدور الإيجابي المتنامي للمغرب في القارة الإفريقية ، خصوصا بعد انضمامه لمنظمة الاتحاد الإفريقي في القمة 28 في شهر يناير 2017 . كما ان افتتاح هذه القنصليات ، يعزز المقترح المغربي الجادة للحكم الذاتي تحت سيادته ، الذي يتيح لساكنة الصحراء المغربية تدبير شؤونهم بأنفسهم في إطار الجهوية المتقدمة ، وهي المكتسبات التي تتكرس على غرار كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة التي تسجل نسب مشاركة مكثفة ومرتفعة قي الأقاليم الجنوبية ، كما هو الشان في انتخابات الثامن من شتنبر2021 ،علاوة على الاهتمام بجانب الاستثمارات التي تزخر بها منطقة الصحراء المغربية نظرا للطفرات التنموية المقامة بها ، وفي صلبها النموذج التنموي الخاص بالاقاليم الجنوبية الذي قطع اشواطا مهمة في إنجاز المشاريع ، حتى اضحت منطقة اقتصادية وتجارية للتلاقي بين المغرب وعمقه الإفريقي ، وهو رهان رائد للتعاون جنوب – جنوب في إطار معادلة رابح -رابح .
وعلى صعيد موقف مجلس الامن الدولي ، فإن قراراته ومشاوراته دائما تصب في السياق الداعم لمشروعية وعدالة حقوق المملكة المغربية على أقاليمها الجنوبية، من خلال الإشادة المتواصلة بمبادرة الحكم الذاتي ، باعتبارها الحل الوحيد والاوحد لهذا النزاع الإقليمي المفتعل ، وهو ما تم التأكيد عليه في القرارات الصادرة عن مجلس الامن منذ 2007 ، بما في ذلك القرار (2602) المعتمد في أكتوبر 2021 ، والذي بموجبه تم تمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة عام واحد (31 أكتوبر 2022)، مع التاكيد على استمرارية عملية الموائد المستديرة بمشاركة الاطراف الرئيسية الأربعة -المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو .
والجدير بالذكر ، انه بفضل الدبلوماسية الملكية الحثيثة التي ترتكز على رؤية استراتيجية معمقة ، عرف ملف الصحراء المغربية دينامية سياسة إفريقية على إثر عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي ، وعدم ترك سياسة الكرسي الفارغ ، وهو ما مكن من تزايد سحب الاعتراف ب“البوليساريو”الى الإقدام المتواصل لعدد من الدول بالاعتراف بمغربية الصحراء .
وعموما ، يمكن القول أن التطورات الدبلوماسية الحاسمة الأخيرة إزاء النزاع المصطنع حول الصحراء المغربية حققت انتصارات متتالية هامة نحو الحسم والطي النهائي لهذا النزاع الإقليمي الذي عمر طويلا ، وعطل فرص التنمية والاندماج للاقطار المغاربية الخمس .
وفي الختام ، واعتبارا ان قضية الصحراء المغربية هي اولوية الاوليات ، وتحظى بالإجماع الوطني لدى مكونات المجتمع المغربي قاطبة ، فإن رهانها مربوحا بصفة حتمية ، على أساس التحلي بالمزيد من اليقظة والتعبئة الشاملة على كافة المستويات .
ومن هذا المنطلق ، يكتسي الإجماع الوطني بكل مكونات الشعب المغربي وقواه الحية ، اهمية كبرى في تكامل مع أدوار الدولة من اجل صيانة الوحدة الترابية والوطنية .

Loading...