نموذج تنموي جديد لتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية بالمغرب؟

الداخلة بلوس :
عين الملك محمد السادس أمس الثلاثاء 19 نونبر الجاري، شكيب بنموسى وزير الداخلية السابق وسفير المغرب فى فرنسا رئيسا للجنة النموذج التنموي و هي لجنة يعزى إليها معالجة التفاوتات الاجتماعية والفقر بالمغرب
وكان الملك محمد السادس قد قال في شهر يوليوز ، إن هذه اللجنة تستهدف وضع نموذج تنمية جديد لإصلاح قطاعات مثل التعليم والصحة والزراعة والاستثمار والضرائب. بعدما اقر في خطابه الافتتاحي للسنة التشريعية لسنة 2017 بان النموذج القديم بلغ مداه ،وبالتالي يجب التفكير في بلورة مشروع تنموي جديد
فالنموذج التنموي الوطني، يقول الملك محمد السادس: » اصبح اليوم ، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين ، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات، و من التفاوتات المجالية، و على تحقيق العدالة الاجتماعية. »
حيث أكد جلالته في ذات الوقت أن ما تحقق في مجال البنية التحتية في السنوات الاخيرة مثل الطرق الرئيسية والسكك الحديدية السريعة والموانئ والطاقة المتجددة والتنمية الحضرية لم تشعر به كل قطاعات المجتمع.
و من أجل الخروج بنموذج تنموي جديد يليق بما يصبو إليه المغرب دعا جلالة الملك في هذا الصدد، الى اشراك كل الكفاءات الوطنية و الفعاليات الجادة و جميع القوى الحية للأمة في هذه الرؤية، سيرا على المقاربة التشاركية التي يعتمدها جلالته في القضايا الكبرى كمراجعة الدستور و الجهوية الموسعة، و ذلك من خلال : « رؤية مندمجة » كفيلة بإعطائه نفسا جديدا ، يمكنه من تجاوز العراقيل التي تعيق تطوره ، و يستطيع معالجة مكامن الضعف و الاختلالات التي ابانت عنها التجارب السابقة.
فالنموذج القديم أبان عن محدوديته حيث يحتل المغرب حاليا المركز 123 في قائمة الأمم المتحدة للتنمية البشرية إذ تعاني المناطق الريفية من نقص الخدمات التعليمية والصحية.
كما ذكر تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي أن عدد الفقراء بالمغرب أو من يواجهون خطر الفقر يبلغ نحو تسعة ملايين نسمة أو 24 في المئة من عدد السكان. وبسبب تراجع الإنتاج الزراعي يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد المغربي 2.8 في المئة في عام 2019 بعد أن حقق ثلاثة في المئة في 2018 وهو معدل لا يمكنه توفير فرص عمل كافية في مجتمع يعاني فيه شاب من بين كل أربعة شبان من البطالة.
كما قامت نفس المؤسسة بانجاز تقرير عنونته ب‘‘المغرب في أفق 2040 ‘‘ قدمت فيه بعض سمات فشل وعدم نجاعة النموذج التنموي الحالي وأوصت بالدعوة إلى اعتماد نموذج تنموي أكثر فعالية ، حيث أن معدل النمو حسب تقرير البنك الدولي لا يتعدى نسبة 4,5 بالمائة بالمغرب وهو غير كاف لتقليص معدل البطالة ، إضافة إلى أن معدل وفيات الرضع سنة 2015 بلغ 25 وفاة من كل 1000 حالة ولادة ، وهو رقم سجل في أوروبا سنة 1960 ، و أن النموذج التنموي الحالي قائم أساسا على الاستهلاك الداخلي والذي مهما ارتفع لن يبلغ سوى 40 بالمائة في أفق 2040 . ناهيك عن وضع اقتصادي مطبوع بالفتور، والانكماش طيلة السنوات العشر الأخيرة ، ما انعكس سلبا على التشغيل و الإدماج الاقتصادي للسكان.
وفي نفس المنحى جاء تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي و البيئي الصادر في شتنبر 2018 ، والذي نبه إلى ضعف مستوى الاستثمار حيث جدد المجلس الدعوة إلى ضرورة النهوض بهذا المجال لما له من أهمية .في غياب سياسة ناجعة في مجال التصنيع الذي تعتبر مساهمته في الناتج الداخلي الخام جد ضئيلة . نفس المجلس دعا لخلق وتعزيز ما سماه بالحكامة المؤسساتية ومحاربة اقتصاد الريع مشيرا إلى زيادة الارتفاع في معدل البطالة من 9,9 بالمائة سنة 2016 الى 10,2 بالمائة نهاية سنة 2017
و أمام هذه المعطيات غير المطمئنة التي لها إنعكاسات مباشرة على الجانب الاجتماعي شدد جلالة الملك في خطابه ل 20 غشت الماضي، على تبني مشروع تنموي هدفه الرفع من قيمة الانسان المغربي جاعلا من التعليم والتكوين المهني الدور المحوري للتنمية، من باب أنه لا يمكن لأي مشروع تنموي أن يحقق النجاح المطلوب إذا لم تتوفر لديه قاعدة صلبة، قوامها التربية والتكوين، لافتا، في هذا الصدد، الى أن للجامعة أدوارها ومهامها، ولمؤسسات التكوين خصوصياتها ووظائفها، وأنه لا يمكن الاستعاضة بأي طرف عن الاخر، في ظل الحاجة الى كليهما لإعداد الكفاءات التي ينتظرها المغرب تأسيسا لنموذجه التنموي الذي يمثل الإنسان محوره ومحركه وغايته الأساسية، وفقا للرؤية الملكية. التي ترغب في أن يكون النموذج التنموي الجديد السبيل الناجع لبناء “تقدم المغرب، وتحسين ظروف عيش المواطنين، والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية”.

Loading...