ما هكذا تورد الإبل ياسعد!

الداخلة بلوس: ذ. احمد العهدي

مما لا يرتقي الى مدارجه قيد انملة من الشك، ان لكل دولة سيادتها و منطق تدبيرها لشؤونها..انها حرة في طريقة تدبيرها لشؤونها الداخلية، و لكن في لحظات الكوارث و تدبير المخاطر، اعتقد جازما ، و ارجو ان اكون مخطئا ، ان اي دولة عربية في مثل هذه الازمات ، ليس مقبولا ولا معقولا ان تدير ظهرها لدولة عربية جارة شقيقة تريد أن تقدم بل بادرت لتقديم المساعدة لشعب عربي شقيق!
الجميع يعي تمام الوعي عما اتحدث و عمن اتحدث..للأسف الشديد، و امام استغراب الشعب الجزائري الشقيق نفسه ، الرئيس الجزائري، مع كامل احترامي لشخصكم الكريم، يُضَيِّع فرصة اخرى له امام مبادرة ملكية مغربية طابعها اخوي و دافعها إنساني ، متجاهلا يد المساعدة الممدودة إلى بلاده من المغرب، حيث فضل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، ان يستجدي و يتلقى مساعدة فرنسية عبارة عن طائرتين فرنسيتين لاداء وظيفة اخماد الحرائق المهولة التي تلتهم السنة لهيب نيرانها المتطايرة مساحات شاسعة من الثروة الغابوية طبيعة و عمرانا و انسانا..
للاسف الشديد، و لا اقولها انتقادا او تشفيا، حاشا، و لكن من باب الاحساس بمعاناة إخوتنا الأشقاء الجزائريين، الذين يتقاسم معهم المغرب ، ملكا و حكومة و شعبا، الضراء قبل السراء ،في الوقت الذي أبدى فيه بلدنا المغرب، بتعليمات ملكية سامية صادقة ، استعداده لمساعدة الجزائر في مكافحة حرائق الغابات، من خلال تعبئة طائرتين لإخماد الحرائق من طراز كنادير، للمشاركة في هذه العملية، بمجرد الحصول على موافقة السلطات الجزائرية، قوبلت مبادرة ملك الانسانية و الحوار بين الثقافات و الديانات قوبلت بتجاهل و عدم التجاوب و التفاعل و لو باشارة تلميحية بسيطة، فاكتفى الرئيس الجزائري في خطابه الذي وجهه للأمة الجزائرية بالتحدث عن كون بلاده ستصلها طائرتين إسبانيتين، و أنه بعد 3 أيام ستصل طائرة سويسرية للسيطرة على الحرائق، رافضا بذلك اليد الممدودة إليه من أقرب جيرانه، و بدون مقابل و في حوادث و كوارث طبيعية تتطلب التدخل على وجه الاستعجال للاشتغال بالجاهز و المتوفر و المتاح، ربنا للوقت لان هناك سباق زمني ضد شراسة النيران المنتشرة بسرعة جنونية خارقة.. بالله عليكم ا إلى هذا الحد يعمي الحقد و العناد السلبي البصر و البصيرة و لو تكن الضحية الشعب الجزائري الشقيق؟!
صدقوني حاولت ايجاد مبرر مقنع لهذا السلوك الارعن و الاختيار غير الحكيم و غير المسؤول فلم افلح في نشداني.. و العذر الاطم من زلة هو ان الرئيس الجزائري،في خطابه للأمة الجزائرية، أشار بانه اتصل بكل الدول الأوربية الصديقة للمساعدة في إطفاء الحرائق، غير أنه “ولا دولة استجابت لطلبه، لأن الطائرات كانت في اليونان وتركيا”؟!
وأضاف الرئيس الجزائري في كلمته إلى الشعب الجزائري، حين الحديث عن موجة الحرائق التي تشهدها شمال الجزائر، أنه أمر وزيره الأول للاتصال بالدول الأوربية الصديقة لإقتناء طائرات إخماد الحرائق منذ نشوبها..! يا عجبا..صدقا أمر محير حقا!
ان تناول هذا الموضوع ليس الهدف منه صب الزيت على النار و لا تاجي الوضع الجزائري الحالي و تجييش مشاعر الشعب الجزائري ضد نظامه، ذلك أمر يعني شأنهم و يستوجب احترام السيادة الجزائرية وشؤونها الداخلية، و لكن فقط اود التذكير بأن على رئيس كل دولة ان يجعل مصلحة شعبه فوق اي اعتبار، لا سيما في زمن الازمات التي لا تقبل الانتظار و تصفية الحسابات..
ان الشعب المغربي يزكي دعوة الرئيس الجزائري للشعب الجزائري، دعوته إلى الوحدة الوطنية لمواجهة الحرائق، و مقاومة أصوات النشاز و مروجي خطاب الكراهية والعنف الذين يحاولون استغلال الحرائق لتسميم العلاقة بين الشعب والدولة، مهما كانت مبرراتها ، لان الحوار السلمي هو أفضل السبل للاتجاه نحو المستقبل المشرق الهادئ عبر مرتكزات قوامها الاحترام و الانسجام و التعاون و التضامن و نشر قيم التسامح و المحبة و الحوار و الانفتاح و التعايش والتساكن…وفي محكم كتاب الله العزيز:” واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا”، و كما يقول المثل الحساني:” الله يحلب بزولة الرحمة!”.
انني ادعو الحكماء من المثقفين ليتدخلوا لتغليب صوت الحكمة و الوحدة ، و ما ذلك عليهم بعزيز لان الفعل الثقافي يحمل بين طياته كل مقومات راب الصدع و تجسير الهوة بين الشعوب عربية كانت أم غير عربية..
و الله الموفق و به المستعان.

Loading...