تكريسا للتوجيهات الملكية.. وجه جديد لرجال السلطة خلال جائحة كورونا

واحد وعشرون سنة ، كانت هي المدة الزمنية الكفيلة للاستفادة من التحول البنيوي في عقلية  أحد أبرز اطر الدولة بالمغرب، حيث اكتشف المغاربة ابان الازمة الصحية وجها جديدا لرجال السلطة يهدم جميع التمثلات النمطية السابقة التي تراكمت منذ عقود ، وهو نتاج وتكريس لتوجيهات  الخطب الملكية التي أعلن في احدها جلالته عن مرتكز جديد يتمثل في المفهوم الجديد للسلطة.

لقد نجح المغرب في تدبير  اللحظة التاريخية التي تمر منها المنطقة والعالم  رغم التحديات   الصحية ، وذلك عبر حزمة من التدابير والإجراءات التي ساهم في تنزيلها على المستوى الترابي عبر بنية من الأطر عرفت منذ تولي جلالة الملك العرش عدة تحولات في  طريقة عملها وإطارها البنيوي وفق التصور الرشيد للمفهوم الجديد للسلطة .

رجال السلطة وسياسة القرب … من هنا بدأت القصة 

لقد  أعادت الخطب الملكية للعرش لسنوات متتالية  على توجيه بوصلة  بنية  رجال السلطة نحو وجهة ترتكز على رعاية المصالح العمومية والشؤون المحلية، وحماية الحريات الفردية و السلم الاجتماعي، كما دعت توجيهات جلالة الملك في خطب العرش الى الاحتكاك المباشر والميداني بالمواطنين عبر إشراكهم في التدبير وإيجاد حلول لمشاكلهم في إطار “سياسة القرب”.

لقد وضع الخطاب الملكي  الخاص بالمفهوم الجديد للسلطة ضمن سياق يهدف الى  حث الإدارة الترابية على اعتماد تصور جديد وبعد جديدة لرجل السلطة في عملية تدبير جديد لعلاقة الإدارة بالمواطن ، وهو ما اعتبره  المرحوم محمد عابد الجابري رغبة ملكية  لتجاوز  «المعوقات البنيوية».

لكن هذه الرغبة تعرف عدة تحديثات على مستوى الواقع الترابي  ، إذ اعتبر  وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت في احدى تصريحاته السابقة الى ان إن الدور المحوري الذي يلعبه رجل السلطة ضمن المنظومة المؤسساتية أصبح اليوم أكثر تعقيدا، بالنظر للتطورات المتسارعة التي تعرفها بنيات المجتمع والحاجيات والانتظارات الآنية والملحة للمواطن في كل المجالات المرتبطة بحياته اليومية، الأمر الذي لن يتأتى إلا من خلال تَمَيُزِ رجل السلطة وقدرته على استشراف هاته الحاجيات واللجوء إلى المقاربة الاستباقية في تلبيتها.

رجال السلطة وتدبير الأزمات عبر بعد الاستباقية والقرب 

لأول مرة اكتشف المغاربة معدن مغاير لرجال السلطة ،عندما استدعت الضرورة الصحية لوباء كورونا  النزول الى الشارع وتحسيس المواطنين بخطورة الجائحة التي مست المغرب ، وتدبير الازمة المترتبة عن الاغلاق و تدابير الحجر الصحي ، وهو ما جعل المغاربة يتداولون صورا ومقاطع فيديو لقواد بحس تواصلي احترافي يتسم بالقرب والعفوية احيانا مع  الساكنة .

ولم يتوقع المغاربة في يوم ما ، مشاهدة  تمكن  قائد  من معرفة أدق تفاصيل دائرته الترابية  ، وذلك عبر تواصله اللصيق بالساكنة، لقد تحولت القائدة حورية نموذجا  ونجمة على مواقع التواصل الاجتماعي بطريقتها التواصلية العفوية والتي اكسبتها احترام  وتقدير الساكنة المحلية بأسفي .

كما تمثل البعد الإنساني في التدخلات الميدانية ، نموذجا للاستباقية والقرب لرجال السلطة  وذلك في مواجهة انانية بعض المواطنين ومحاولة استغلال الظرف الصحي لاكتساب أرباح من تجارة الأزمات ، حيث اكتسبت بعض التدخلات إشادة دولية وإقليمية ، إذ تفاعل  نشطاء جزائريون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لقائد يوبخ صاحب بيت لطرده رعايا جزائريين  أيام بعد تطبيق الحجر الصحي في استحضار لشيم المغاربة الاصيلة .

رجال السلطة …تكريس لمبادئ الحكامة الجيدة  وتفعيل المبدأ الدستوري لربط المسؤولية بالمحاسبة.

يحرص التكوين الإداري لرجال السلطة ، الذي يستلهم جزء من مرجعيته من خط جلالة الملك الخاصة بتحديث الادارة ، كما يدمج عدة مواد ذات أهمية منها “علم النفس الاجتماعي” و”السلوك التنظيمي” لملائمتها مع المتغيرات والمستجدات المتسارعة التي تعرفها البلاد على المستويين الوطني والدولي.

ويكرس التكوين الذي يستفيد من منه أطر وزارة الداخلية من رجال السلطة،  مبادئ الحكامة الجيدة فيما  تفاعلت وزارة الداخلية مع توجيهات  صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، قصد اتخاذ التدابير اللازمة من أجل تحقيق فعالية أكبر وترشيد أمثل للموارد البشرية بهيئة رجال السلطة، وذلك من خلال تكريس معايير الكفاءة والاستحقاق في تولي مناصب المسؤولية بهذه الهيئة.

وبحسب وزارة الداخلية  تعمل هذه الاخيرة على اعتماد وتطبيق مسطرة جديدة في تولي مهام المسؤولية في سلك السلطة، قوامها تثمين الكفاءات وإعمال مبادئ الاستحقاق وتكافؤ الفرص، وهو ما سمح للمغرب الاستفادة من قدرات وخبرات رجال السلطة على المستوى الترابي سواء من خلال تنفيذ توجيهات السلطات الصحية او احصاء الفئات الهشة والمتأثرة بالجائحة خلال عملية دعم المخصص للفئات المسجلة في القطاع الغير مهيكل

Loading...